منذ اللحظة الأولى التي تخطو فيها إلى عالم Death Stranding 2: On The Beach، تُدرك أنك أمام تجربة استثنائية تمزج بين الحزن والأمل، الوحدة والتواصل، اليأس والإصرار. إنها رحلة طويلة بقدر ما هي عاطفية، يقودها المخرج العبقري هيديو كوجيما، الذي يمنحنا من جديد حكاية تفيض بالمعاني الإنسانية والعلاقات المعقدة وسط عالم مروع وغامض.
قصة عميقة تمس المشاعر :-
تدور القصة بعد أشهر من أحداث الجزء الأول، حيث نجد بطلنا «سام بورتر بريدجز» يخطو من جديد في قلب الدمار ليجسر المسافة بين المكسيك وأستراليا. لكنه لم يعد ذلك الشخص الذي كانه من قبل؛ فهو الآن أبٌ مكلّف برعاية طفل صغير، «لو»، بعد أن كان مجرد جنين داخل كبسولة. يمنحنا هذا التطور لمحة أكثر نضجًا وشاعرية عن رحلة سام، الذي بات أكثر إنسانية وأعمق تعاطفًا، حتى مع أشد أعدائه.
كلما تقدمت في القصة، تتكشف خيوطٌ من الأسرار، وتظهر وجوه مألوفة مثل «فراجيل» و«هيغز» بأدوار مختلفة وأكثر تعقيدًا من ذي قبل. لن تسير القصة على خط مستقيم أبدًا، بل ستفاجئك بنقلات غريبة ومشاهد سريالية وخيارات صعبة، لكنك دومًا مرتبط بها عاطفيًا بفضل قدرة كوجيما على جعلنا نتعلق بشخصياته مهما بدت أفعالها مبهمة أو متناقضة.
نظرة عامة علي Death Stranding 2: On The Beach :-
المطور | Kojima Productions |
الناشر | Sony Interactive Entertainment |
تصنيف اللعبة | أكشن / مغامرات / قتال |
المنصات | PS5 |
تأريخ الإطلاق | 26 / يونيو / 2025 |
السعر | 69.99$ |
زمن اللعب | ~ 60 ساعة |
نسخة المراجعة | PS5 |
أسلوب لعب يجمع بين المتعة والتحدي :-
على الرغم من أن اللعبة تندرج تحت فئة «مُحاكي توصيل الطرود» كما يحب البعض تسميتها مازحين، فإن جوهر Death Stranding 2 أعمق من ذلك بكثير. فاللعبة توسع عناصر أسلوب اللعب السابق بطرق مبتكرة، حيث أضافت تحسينات كبيرة على أنظمة القتال والتخفي، ما يمنحك حرية اختيار أسلوبك الخاص.
قد تختار التسلل بهدوء، مستعينًا بأدواتك المتطورة من سلم وأدوات تسلق وأسلحة غير قاتلة، أو تفضل المواجهة المباشرة بترسانة من الأسلحة الجديدة التي تبدو أكثر سلاسة وأكثر دقة. لم يغفل كوجيما تحسين ميكانيكيات القيادة، فالسيارات والدراجات والعربات أصبحت أكثر استجابة وأدق تحكمًا، ما يجعل التنقل بين الجبال والأودية أكثر متعة وأقل إحباطًا من الجزء الأول.
ما زال العامل الاجتماعي الذي ميّز السلسلة حاضرًا بقوة، إذ ستجد آثار لاعبين آخرين من جسور وملاجئ ومولدات تساعدك على تجاوز أصعب المناطق، وكأنك لست وحيدًا أبدًا حتى وإن كنت تسير على بعد أميال من أقرب مستوطنة. وبالطبع، يجعلك ذلك تتفاعل أكثر مع من تركوا بصمتهم، سواء بمنحهم الإعجابات (اللايكات) أو الاستفادة من وسائلهم التي تركوها، فتشعر أن اللعبة تربط اللاعبين ببعضهم بروابط خفية ومؤثرة.
مؤثرات بصرية وصوتية تبعث على الدهشة :-
الرسوميات أكثر إبهارًا من السابق بفضل استخدام تقنيات متطورة تعزز من واقعية البيئة. سترى الجبال بأدق تفاصيلها، والأمطار المتساقطة بأثرها المميت، والحيوانات التي تملأ الطبيعة، وأحيانًا ظواهر بيئية خارقة للطبيعة، تجعل من كل رحلة لوحة فنية مبهرة ومخيفة.
أما الموسيقى، فهي كما تعوّدنا من إبداع «لودفيغ فورسيل» وأغاني الفرق المستقلة التي أضفاها كوجيما بنفسه، إذ ترافقك ألحان شجية مؤثرة تعمّق اللحظة وتدعم المشاعر التي يمر بها اللاعب. أداء الممثلين يضيف بُعدًا سينمائيًا للعبة، خاصة من جانب «نورمان ريدوس» و«ليا سيدو» و«تروي بيكر»، إذ أظهروا قدرًا من الاحترافية يمنح المشاهد عمقًا واقعيًا لكل حوار ولقطة.
عناصر اجتماعية وأفكار فلسفية مؤثرة :-
ما يميز Death Stranding 2 أكثر من أي جانب آخر هو فلسفة التواصل البشري والتكاتف من أجل البقاء. كل طريق تبنيه، وكل ملجأ تساعد في إنشائه، هو حجرٌ يُبنى عليه عالم أكثر ترابطًا رغم الرعب والخسائر. يتجلى ذلك من خلال الأفكار التي يطرحها كوجيما عن أهمية الروابط الإنسانية، وكيف أن المجتمع، مهما كان منقسمًا، يمكنه أن يعيد لملمة شتاته إذا منحنا بعضنا يد العون.
هنا تُطرح أسئلة فلسفية عميقة حول طبيعة الخوف، الرغبة في العزلة، وأثر التواصل على النفس البشرية. تجعلك هذه التساؤلات تتفكر وأنت تمارس اللعب، وتدرك أن توصيل الطرود لم يكن أبدًا هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لربط الأرواح وإعادة بناء أمل ضائع.
عمر لعب طويل ومحتوى غني :-
يمتد عمر Death Stranding 2 إلى أكثر من 60 ساعة من المهام الرئيسية فقط، لكن اللعبة مليئة بالمحتوى الجانبي الذي يدعوك للاستكشاف، من جمع الموارد النادرة إلى إنقاذ الشخصيات الجانبية وبناء مرافق استراتيجية تساعدك لاحقًا. وإذا كنت من عشاق «البلاتينيوم»، فستغوص لساعات طويلة أكثر لاستكشاف كل سر واكتساب كل ميزة.
الإيجابيات ✅
-
تحسينات ميكانيكية ملحوظة ومؤثرة
استثمرت اللعبة خبرات الجزء الأول لتقدّم تجربة لعب أكثر سلاسة وممتعة. سواء كنت تتسلق الجبال الشاهقة أو تتسلل بين أعدائك، ستلاحظ أن ميكانيكيات القتال والحركة والتخفي أصبحت أكثر دقة ومرونة من أي وقت مضى. -
عالم واسع ومتنوع ومليء بالتفاصيل
بيئات المكسيك وأستراليا ليست فقط خلفيات بصرية مذهلة، بل مساحات نابضة بالتحديات والعناصر التفاعلية، من مناخات قاسية إلى تضاريس وعرة تجعل كل رحلة فريدة من نوعها ومليئة بالمفاجآت. -
إحساس عميق بالمكافأة من خلال توصيل الطرود وبناء الجسور
على الرغم من بساطة المبدأ، فإن متعة إيصال الموارد لمن يحتاجها ومشاهدة أثر أفعالك على العالم الرقمي من حولك يمنحك دافعًا قويًا للاستمرار، ويجعلك تقدّر كل اتصال صغير تبنيه. -
شخصيات قوية ومليئة بالمفاجآت والعاطفة
أبطال اللعبة وحلفاؤك وأعداؤك مكتوبون ببراعة وأداؤهم متميز. سترتبط بهم عاطفيًا وتشعر بكل منعطف مؤلم أو لحظة دفء تمر بها القصة، حتى وإن لم تكن دائمًا منطقية من منظور تقليدي.
السلبيات ❌
-
أسلوب سرد مفرط أحيانًا ويفتقد للبساطة
رغم قوة القصة وعمق المشاعر التي تقدمها، فإن كوجيما لا يستطيع مقاومة ميوله المعروفة إلى الإطالة والشرح المفصل، ما يجعل بعض المشاهد الحوارية بطيئة ومثقلة بالشرح على حساب الإيقاع. -
الطول المبالغ فيه للقصة الرئيسية
تمدد السرد أحيانًا أكثر من اللازم وأصبح أقل تركيزًا على مدار ساعات اللعب الطويلة. بعض المهام تبدو وكأنها وجدت لملء الفراغ وليس لدفع القصة للأمام، مما يضعف من زخم الأحداث المهمة. -
غياب فرق موسيقية مميزة كان من الممكن أن تُثري الجو العام
بينما تفتخر اللعبة بموسيقاها التصويرية الرائعة، فإن غياب بعض الفرق التي أحبها المعجبون في الجزء الأول، مثل Bring Me The Horizon، سيفقد بعض المشاهد ذلك الإحساس الخاص الذي أضفاه وجود أغانٍ شهيرة ومؤثرة سابقًا.
Death Stranding 2: On The Beach ليست مجرد تكملة للجزء الأول، بل رحلة نضج وتفكير أعمق، مليئة بالمشاهد الدرامية والعناصر التفاعلية التي تُشعرك بأنك جزء من هذا العالم المُتفكك الساعي للارتباط من جديد. إنها تجربة استثنائية ومليئة بالتفاصيل التي سترسخ في ذاكرتك طويلًا، وتُثبت من جديد أن كوجيما لم يتوقف أبدًا عن الإبداع وتحدي حدود صناعة الألعاب.
الرأي النهائي
التقييم
Death Stranding 2: On The Beach تقدم رحلة عاطفية ومليئة بالتحديات، حيث تربط بين المكسيك وأستراليا بطرق لعب محسّنة وأجواء مؤثرة. أسلوب السرد أحيانًا مفرط والطول زائد بعض الشيء، لكن الشخصيات القوية، الموسيقى الرائعة، والعالم المتنوع تجعلها تجربة فريدة ومجزية. سيعشق اللاعبون ميكانيكيات التوصيل والعالم المذهل، حتى إن غياب بعض الفرق الموسيقية المألوفة لن يمنع الاستمتاع بهذا الجزء الذي يعزز قيم التواصل والأمل وسط الدمار، ما يجعلها لعبة لا تُنسى رغم بعض عيوبها القليلة.