في عالم الألعاب، من النادر أن ترى شركة تُساهم دون قصد في ولادة أعظم منافسيها. هذا ما حدث مع Nintendo في بداية التسعينيات، عندما كانت تتصدر السوق وتفرض سيطرتها بكل ثقة. لم تكن Sony آنذاك جزءًا من صناعة الألعاب، لكنها كانت تراقب عن كثب وتُخطط لدخول المجال من الباب الكبير.
بدأت القصة بتعاون بين الشركتين. كانت Nintendo تستعد لإطلاق جهازها الجديد، SNES، وأرادت إضافة قارئ أقراص CD-ROM لتوسيع إمكانيات الجهاز. Sony، بخبرتها في الموسيقى وتكنولوجيا الأقراص، بدت شريكًا مثاليًا. تم التوصل إلى اتفاق، وسرعان ما بدأت Sony العمل على جهاز يُدعى SNES-CD، وهو إضافة مخصصة للكونسول الجديد.
لكن الخلافات لم تتأخر. Nintendo شعرت بأن Sony تحاول السيطرة على جانب مهم من التقنية الجديدة. القلق ازداد حين تبين أن Sony تطور قارئ أقراص سيُستخدم أيضًا في جهازها الخاص، ما سيمكنها من استخدام ألعاب Nintendo في نظام جديد دون رقابة مباشرة. هذا الوضع أثار غضب Nintendo، خاصة وأن العقود الأولية لم تمنع مثل هذه الخطوة.
الخلاف بلغ ذروته في يونيو 1991 خلال معرض CES في شيكاغو. أعلنت Sony عن جهاز Play Station، وكان يدعم كلاً من أقراص CD وألعاب SNES. رد Nintendo جاء سريعًا وحاسمًا: تم فسخ الشراكة مع Sony والإعلان عن تعاون جديد مع شركة Philips، المنافسة الأوروبية القديمة لـ Sony. بدا وكأن Nintendo أرادت إيصال رسالة واضحة: لا مكان للثقة المفرطة في المنافسين المحتملين.
لكن Sony لم تتراجع. على العكس، هذا “الطرد” غير المتوقع كان شرارة البداية لما سيُصبح لاحقًا ظاهرة عالمية. المهندس Ken Kutaragi، الذي قاد المشروع داخل Sony، أقنع الإدارة بضرورة إطلاق جهاز مستقل بالكامل. النتيجة كانت جهاز PlayStation الذي انطلق في 1994 مزودًا برسوميات ثلاثية الأبعاد قوية ودعم مطوّرين خارجيين مثل Namco وKonami، الذين كانوا قد واجهوا صعوبات في التعامل مع نينتندو.
النجاح كان مدويًا. PlayStation بيعت منها أكثر من 100 مليون وحدة، متجاوزة SNES التي توقفت عند حوالي 50 مليون فقط. الفارق لم يكن في العتاد فقط، بل في السياسة: Sony فتحت الباب للمطورين المستقلين، بينما ظلت نينتندو متمسكة بسيطرة كاملة على محتوى أجهزتها.
يمكن القول الآن إن Nintendo، دون أن تقصد، خلقت منافسها الأكبر. واليوم، لا تزال المنافسة بين الشركتين تشتد جولة بعد أخرى، في سوق تغيّر كثيرًا، لكن جذوره تعود إلى ذلك الانفصال الدرامي في التسعينيات.
إقرأ المزيد: تقدم PlayStation هدية لمالكي PS4 و PS5 حيث تودع Sony إحدى خدماتها…
