منذ صدور لعبة Hollow Knight عام 2017، وهي تُعتبر واحدة من أعظم ألعاب الإندي التي تركت بصمة عميقة في قلوب اللاعبين. نجاحها لم يأتي من فراغ، فقدمت مزيجًا مثاليًا من الصعوبة الممتعة، عالم غامض، أسلوب لعب متقن، ورسوميات يدوية مبهرة.
لكن مع كل هذا النجاح، كان السؤال الأصعب: كيف ستتمكن Team Cherry من صنع جزء ثاني يتجاوز التوقعات؟ الجواب جاء بعد سنوات من الصبر والانتظار، مع لعبة Hollow Knight: Silksong التي طال انتظارها. هذه ليست مجرد توسعة أو محتوى إضافي، بل إعادة ابتكار كاملة للتجربة، تعيد تعريف معنى ألعاب الإندي.
قصة مليئة بالغموض:
تلعب بشخصية Hornet، الخصم/الحليف الذي أحبّه اللاعبون في الجزء الأول. على عكس بطل Hollow Knight الصامت، Hornet شخصية أكثر حضورًا وحيوية، وهو ما يجعل القصة أكثر وضوحًا وقربًا من اللاعب.
تأخذنا الأحداث إلى عالم جديد يُدعى Pharloom، عالم يفيض بالحضارات القديمة، الرموز الدينية، والمجتمعات المنهارة. القصة ليست مباشرة بالكامل، بل تعتمد على التلميحات، النصوص الصغيرة، والحوارات الغامضة. كل منطقة تزورها تضيف طبقة جديدة من الأساطير التي تُشعرك وكأنك تكتشف حضارة منسية بكل تفاصيلها.
هذا التوازن بين الغموض والسرد المباشر يجعل Silksong أعمق وأكثر إثارة للخيال من سابقتها، ويمنح اللاعبين دافعًا إضافيًا للتعمق في أسرار العالم.
أسلوب اللعب:
تحتفظ Silksong بالأساسيات التي ميّزت Hollow Knight، لكنها لا تكتفي بذلك، بل تعيد صياغتها بالكامل.
-
القتال أسرع وأكثر ديناميكية: Hornet تعتمد على الرشاقة والسرعة، بضربات دقيقة وحركات متقنة تجعل كل مواجهة مشوقة.
-
التنقل أصبح أكثر سلاسة: مع زر الركض وربط الحركات (Dash + Jump + Divekick) بسلاسة مذهلة، حتى التنقل بين المنصات أصبح متعة بحد ذاته.
-
النظام الجديد للأدوات (Tools & Crests): بديل عن الـ Charms في الجزء الأول. يمنحك خيارات ضخمة للتخصيص، بحيث يمكن لكل لاعب بناء أسلوب لعب فريد.
-
نظام المهمات (Quests): إضافة مبتكرة تُشجع على الاستكشاف وتمنحك شعورًا بالإنجاز مع كل عودة إلى القرية.
كل مواجهة مع الأعداء أو الزعماء هي اختبار حقيقي للمهارة والصبر. اللعبة تريد منك أن “تتعلم الرقص”، وإلا فستُعاقبك بلا رحمة.
الصعوبة:
أحد أبرز ما يميز Silksong هو صعوبتها العالية. الأعداء العاديون قادرون على إلحاق ضرر مضاعف منذ المناطق الأولى، ما قد يبدو قاسيًا، لكنه يضعك مباشرة أمام التحدي.
على الجانب الآخر، نظام الشفاء أصبح أسرع وأكثر فاعلية، مما يوازن الأمور قليلًا. لكن تبقى بعض السلبيات:
-
الأعداء الطائرون يسببون إحباطًا بسبب حركتهم المراوغة المبالغ فيها.
-
العودة من نقاط الحفظ قد تستغرق دقائق طويلة، ما يحوّل بعض المحاولات إلى تجربة مرهقة أكثر من كونها ممتعة.
هذه العيوب لا تُفسد التجربة بالكامل، لكنها تُظهر كيف أن اللعبة تميل أحيانًا إلى القسوة المفرطة.
الرسوميات:
إذا كانت Hollow Knight قد أبْهرتنا برسوماتها اليدوية، فإن Silksong ارتقت إلى مستوى جديد تمامًا.
-
إضاءة أقوى وتأثيرات بصرية محسّنة تجعل العالم أكثر حياة.
-
رسوم متحركة أكثر نعومة تزيد من واقعية القتال والحركة.
-
تنوع بصري مذهل بين المناطق: من أجواء الحزن العميقة في Greymoor إلى البهجة الممزوجة بالرهبة في Citadel.
كل منطقة تشبه لوحة فنية، تدعوك للتوقف والتأمل قبل أن تكمل رحلتك.
الموسيقى والصوتيات:
الموسيقى من توقيع Christopher Larkin، وهو نفسه الذي صنع السحر في الجزء الأول. لكن هنا، كل مقطوعة تبدو أكثر جرأة وغنى، حيث تقفز الآلات الموسيقية إلى المقدمة لتعكس جوّ Pharloom.
-
موسيقى Bilewater melancholic حزينة لكنها آسرة.
-
Cogwork Core حماسية ومليئة بالإيقاع الصناعي الذي يناسب البيئة.
أما المؤثرات الصوتية فهي متقنة للغاية: من أصوات ضربات السلاح إلى أصوات الأعداء والشخصيات، كل تفصيلة تضيف واقعية وتغمسك في التجربة.
عمر اللعبة والاستكشاف:
مع أكثر من 30 ساعة لعب حتى بعد إنهاء القصة، Silksong مليئة بالأسرار، المهام الجانبية، والزعماء الاختياريين. الاستكشاف هنا ليس مجرد إضافة جانبية، بل جزء أساسي من التجربة.
ستجد نفسك تعود إلى نفس المناطق مرارًا وتكرارًا بعد الحصول على أدوات جديدة، لتكتشف طرقًا سرية أو زعماء مخفيين. هذا التصميم الذكي هو ما يجعلها واحدة من أكثر ألعاب الميترويدفينيا إدمانًا في العقد الأخير.
الإيجابيات:
-
أسلوب لعب أسرع وأعمق من الجزء الأول.
-
شخصية رئيسية أكثر حضورًا وقصة أكثر وضوحًا.
-
موسيقى ساحرة ورسومات يدوية مذهلة.
-
نظام أدوات وأسلحة متنوع للتخصيص.
-
استكشاف ممتع وعمر لعب طويل.
السلبيات:
-
صعوبة مبالغ فيها في بعض المراحل.
-
العودة الطويلة من نقاط الحفظ مرهقة.
-
بعض الأعداء، خصوصًا الطائرين، مزعجون وغير متوازنين.
Hollow Knight: Silksong ليست مجرد تكملة، بل إعادة تعريف كاملة للجزء الأول. إنها لعبة تُثبت أن الصبر على التطوير يؤتي ثماره، مقدمة تجربة عميقة، مليئة بالتحديات، ومصقولة بعناية.
قد تُرهقك صعوبتها أحيانًا، لكنها ستكافئك بلحظات من الانتصار النادر الذي يجعلك تشعر أنك حقًا أنجزت شيئًا. إنها تحفة فنية من ألعاب الميترويدفينيا.
إقرأ المزيد: مراجعة Metal Gear Solid Δ: Snake Eater – إحياء أسطورة Snake Eater
الحكم النهائي
عميقة ومبهرة
عميقة ومبهرة
Hollow Knight: Silksong تأخذ أساسيات الجزء الأول وتعيد صياغتها بالكامل لتقديم تجربة أعمق وأكثر تحديًا. القتال سريع ومرن، القصة غامضة وغنية، والموسيقى خالدة. رغم بعض العيوب في الصعوبة وتصميم العودة من نقاط الحفظ، تبقى واحدة من أعظم ألعاب الميترويدفينيا على الإطلاق.